القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة من صميم الواقع 4

قصة من صميم الواقع 4

 بعد تلقي جاهدة المكالمة مع نديم عادت لبيت حماتها مسرعة، عند دخولها للبيت كانت كل العيون تنظر اليها باشمئزاز وكأنها قامت بعمل مشين. وبدأت حماتها رقية تختلق المشاكل معها وترمي لها الكلمات المستفزة، في اول الأمر لم تفهم جاهدة الموضوع وبعد ذلك بدأ كل شيء يتوضح تدريجيا. سئلت جاهدة الموجودين في البيت ما الأمر هل هناك خطب ما، لم يجبها احد، سكتت برهة ثم قالت ان نديم هاتفها اليوم وهو يبعث سلامه للجميع، وهي مازالت تتكلم وتواصل حديثها، صاحت رقية وبدأت تتهجم عليها وتنعتها بأبشع النعوت، ذهلت جاهدة من الموقف وسئلت حماتها لماذا اتخذت هذا الموقف منها، ردت ببرودة دمها وقالت لها: انت لا تحترميننا وتذهبين الى بيت والديك بدون اذن وتبعيدين الطفلة الصغيرة عن بيت جدها.
تجمدت جاهدة في مكانها في الوهلة الأولى ثم اجابتها: كيف ذلك الم آستأذن منك وانا استعد للذهاب وقلت لي خيرا تعمل
همهمت رقية وبدأت بالتمتمة، حتى عاودت جاهدة الكلام وسارعت بالسؤال: نديم قال انه بعث لي حوالة مالية وهي تصل اليوم، فهل اتى ساعي البريد؟
نظرت لها رقية باحتقان وقالت بغضب شديد: نعم جاء ولماذا السؤال؟ انت تذهبين لتستمتعين في بيت ابويك ونحن هنا ننشغل بأمورك
فاجابتها: انه مجرد سؤال لا أكثر ثم انا طلبت من نديم ان يبعث لي المال للولادة.
نظرت لها رقية ثم قالت لها: ان ابني يعمل ليلا نهارا لجمع المال ليرجع يوما ما ويؤسس مشروعا له، وانت تطلب منه لتبذره للولادة، الا تخجلين من نفسك.
بكت جاهدة بحرقة واحست بالظلم والذل. لم ترأف رقية لبكائها وزادت الطين بلة وقالت لها:
كفاك بكاء ونواح على رؤوسنا فانت شؤم علينا. 
استغاضت جاهدة من قولها وقالت وهي تتلعثم: المهم... اين الحوالة ... انا اريدها الآن.
صاحت رقية في وجهها وقالت لها: ليس هناك حوالة ولا مال ولا شيء.
اجابتها جاهدت وهي تتنفس بسرعة: كيف ذلك اين ذهبت الحوالة؟
اجابتها رقية ببرودة أعصاب: انا من تسلمتها وصرفتها، الست ام نديم؟
قالت لها جاهدة كيف ذلك ان الحوالة باسمي؟ طيب اين المال؟
قهقت رقية باعلى صوتها وقالت انها سددت دين ابنها الذي تركه عند السفر
انهارت كليا جاهدت ولم تجد ما تقول، فالكلمات ضاعت، وحلقها جف، وفي الأخير قالت لها سيحاسبك الله على اعمالك فهذا مال أطفال يعتبرون يتامى.
خرجت جاهدة في ظلام الليل قاصدة بيت أهلها والدمع لم يجف على خديها، باكت خيبتها واختياراتها. هدأتها والدتها وزوجة اخيها التي تسكن معهم في نفس البيت. وفي الصباح الباكر قصدت جاهدة مكتب البريد وسئلت على العم صالح الساعي، قيل انه لم يأتي بعد فهو يقوم بتوزيع الرسائل وسياتي في منتصف النهار، تركت عنوانها وانه يجب ان يتصل بها ضروري وهي ليست قادرة على الرجوع لمكتب البريد فبوادر الولادة على الأبواب. رجعت الى بيت والديها وهي غاضبة فلا يكفي انها لم تنم الليل من قوة الواقعة ولا تعرف ان سيعاود عم صالح الاتصال بها او لا. في المساء دق الباب وكان عم صالح هو الطارق سئل عليها خرجت مسرعة وهي تتلعثم بالكلام لم يفهم عم صالح شيء، وطلب منها الهدوء ليفهم ما تريد منه, سئلته بغضب شديد كيف تعطي الحوالة لحماتي رقية فهي باسمي وانا لم امضي على تسليمها وهي لا تسلم الا لصاحب بطاقة الهوية، فكيف سمحت لنفسك يا عم صالح ومنحتها أياها كما انها صرفتها مدعية انها سددت ديون زوجي وانا اعلم ان زوجي لم يترك أي دين له ومصاريف السفر اخذتهم من والدي. لم يجد عم صالح ما يقول ووقف مبهم لما سمعه، واجابها انها ادعت رقية ان كنتها قابعة بالمستشفى وهي على أبواب ولادة وتحتاج للمال لتدفع مصاريف المستشفى. زاد غضب جاهدة وهددت عم صالح بتقديم شكوى ضده للاخلال بعمله وبحنث حلفان اليمين لتكتم باسرار ومصالح حرفاء البريد. بكى عم صالح وترجاها لعدم تقديم شكوى ضده فهو يعيل عائلة كبيرة وانه سيطرد من عمله ولن يقبل احد بتشغيله ليتهم بخيانة مؤتمن وحلفها بطفلتها وبالمولود الذي في بطنها ان تستر عليه.
بقلم نادية التومي/ جويلية 2021
المنتدى العالمي للأدباء والكتاب العرب

تعليقات