** مابين العقل والتعقل نجد هويتنا .**
رؤي فلسفية في الفكر المعاصر
لأيمن غنيم
مازالت تلك القضية التي أثارت فكر كل المفكرين والعلماء والفلاسفة السالفين . لتتبوأ مكان الصدارة علي حيز النقاش والفكر .طوال عصور مضت وسوف تظل ماكثة وستظل مدوية في أركان التعقل واتجاهاته . وتعالوا بنا نتدارك سويا ماهو العقل وأين يتواجد وماهي دلالاته وماهي اتجاهاته .وماهي العلاقة مابين الفكر والعقل ،،? وكيف نجد السلامه والهداية فيم نفكر .
بادئ ذي بدئ ماهو العقل ???
هو الحراك الفكري النشط الدؤوب الذي يبحث ويبني كل المفاهيم الإدراكية والمنطقية التي تتفق مع المسلمات الفكرية والقواعد الذهنية التي إرتضاها وأمن لها العقل .والتي نقيس من خلالها معايير الصدق ومفاهيم الحق . التي تقيم مدي إعمال العقل ومدي صوابه من خطأه .
وأكاد أن أجزم بأن البيانات التي يتم تخزينها في العقل هي بمثابة الثوابت والمسلمات التي من خلالها نحدد مفاهيمها . كالبرامج التي تخزن في الكميوتر والتي تحدد أطر الصواب والخطأ من خلال تلك البيانات المرصودة .
وكذلك الخبرات السالفة والتي علقت بالذهن ومدي ايقاعها هي التي تشكل نوعية التفكير لدينا . فإذا تدبرنا مايحيطنا من المحسوسات والأمكنة المصاحبة .فهي التي تصيغ أيقونات المعاني الثابتة وتهدينا إلي حقيقة التفكير والتصرف الحكيم تجاه مايحيطنا . فعلي سبيل المثال فإن الطفل يقترب إلي النار لأنه لا يدرك انها سوف تحرقه .لا لأنه مغيب العقل وقتها لكنه لم يجرب تلك المحاولة من قبل .وحينما يقترب منها ثانية لابد وأن يعي تماما تلك الحقيقة التي توصل إليها بأن النار تحرق وتوجع فلا يقترب منها . ..
.. المقصد هنا بأن العقل أو التعقل يتزامن مع المواقف الحياتية التي مرت علي سوالف تجاربنا . وأصبحت ثوابت لا جدال فيها . .
فهي الركن الركين للإدراك والتقصي ومن خلالها يتم تصنيف مجريات الأمور الحياتية ..ويتم تشكيل العقل ووظائفه من خلالها .هذا وفقا للجانب المحسوس أو الإدراكي.
وعلي الجانب المسلماتي أو الحدثي . وذلك يتم تصنيفه وفقا للمعتقدات التي يتبناها الأفراد وقواعد التفكير التي تتبناها المجتمعات . وذلك وفقا لتشريع الأديان التي يعتنقونها . ووفقا للقناعات التي توصلوا إليها .ووفقا للمبادئ والقيم التي بها يعتقدون . ومن خلالها تتشكل معايير الحكم علي الأشياء بالايجاب والسلب كمعيار تقييمي . وهل إذا ما كانت تتفق مع العرف السائد والثقافة الثابتة والمفاهيم والرؤي التي اعتنقوها أم لا .
لذا فإن العقل هو الظل الظليل للحقيقة بمفهومها الثابت أو القانع به الأفراد . فإن العقل إذن هو افراز لنهج متبع .وصورة مماثلة لما ينطبع في ذاكرة الأفراد من تجارب . ومثاليات ومسلمات فكرية يرتضيها طبيعة الافراد والتي تتماشي مع انسانياتهم .
ويؤكده تشريع الدين وتستميله النفس وتستهويه الأرواح
فالعقل يتذيل كل حقيقة قد صاغتها تجارب سالفة وردود أفعال تم إدراكها بمحسوساتنا . ومواكبة وتطبيع لكل المسلمات التي نؤمن بها بلا جدال أو مراوغة . ولذا لكونك مؤمن بالله وموحد بوجوده ووحدانيتة وقانع بفلسفة التوحيد في الدين الاسلامي . فإنك آمنت بجوارحك وقلبك وأصبحت مجهزا لإستقبال كل مايتفق مع دينك وعقيدتك .دون أدني شك أو جدال.
فإن الله قد حمانا من شرك الضلال والزيف وانحراف النفس البشرية والتيه والتخبط مابين ماهو كائن وماهو خفي . والمتمحص في تاريخ البشرية يجد بأن الحقائق متغيرة ولا يوجد أدني ثوابت في التفكير ولا يوجد هناك تصرف أوحد ينهجه البشر . إلا في غرائزهم ومايحيط تلك الغرائز من متطلبات وصراعات وإرهاصات وتباين في تبني الأسلوب الأمثل للوصول إليها من طمع وحقد وحسد وما يناقضه نبل واحسان وكرم وما إلي ذلك من تباين في السلوك والنهج . وتلك المطامع والاهداف هي التي تحركه وتنال من تفكيره وتشغل تعقله . في أن يصيغ ويتفهم كل الفلسفات التي تضمن له تحقيق أهدافه . .....
أي أن العقل .. هو الفكر الذي يتبناه الفرد وفقا لتجاربه ووفقا لمعتقداته الدينية والفقهية وأيضا وفقا للقيم والفضائل التي يتبناها ويصيغها كأسلوب حياة . ..
وهناك من يسأل إذا كان هذا هو العقل . وماهيته فأين العقل إذن ???
هل محله الرأس أم محله القلب أم خارجهما معا ????....
..
قد جنح الاسلاميون بأن العقل محله القلب وفقا لما ترتئيه الآيات القرآنية التي تؤكد بأن القلب هو محك التدبر والتعقل وقد يعمي هو ولا تعمي الأبصار في إدراك ماهية الأمور كلها من حولنا . والقلب هو المسئول في أحكام المفاهيم التي تتعلق بالعلاقة بين العبد وربه . وهناك آيات كثيرة تدعم هذا المضمون . وقد قرن الله العقل والتدبر والفهم بالقلب . لذا فقد يكون محله القلب .
وقد جنح علماء التشريح والأعضاء . والذين ينتهجون المنهج العلمي وحسب بأن العقل محله في الرأس ويقال بأنه المخ ويعتقدون بأن التفكير ماهو إلا عملية كيميائية تفاعلية معقدة مابين المخ والمخيخ وماهي الا مجموعة مم الخلايا العصبية والتي تقدر بالمليارات والتي تتزاوج وتتلاحم لانتاج عمليات معقدة تسمي بالفكر والسيطرة والهيمنة علي سلوكيات الأفراد .
وهناك دراسات كثيرة تكاد تجزم بأن العقل يمكن أن يكون خارج جسم الإنسان وخارج حدوده . ....... ودعوني أصنف هذا العقل من منظور فكري المتواضع . انا ايمن غنيم بأنه إذا كان هناك مكان للعقل . فإنه ليس بالشئ المحسوس أو العضوي الذي يمكن تحديده في مكان ما بعينه . إنما هو المنطق الذي ينتهجه الفرد أينما صاحبته مسألة عقائدية أو فكرية أو تجربة حياتية .فهو ذاك الظل الظليل الذي يتتبع أوجه الحقيقة . ويتزامن مع وجه المسلمات والبديهيات والاحداثيات التي يؤمن بها الفرد . وتنطبع علي سلوكياته فتصبح كصدي فكر مصاحب لكل حقيقة جلية واضحة المعالم ....
. والعقل هو كل الأعضاء وكل الخيوط العنكبوتية التي تحدث ذلك التجانس الإنفعالي والفكري مابين قناعات الفرد ومعتقداته وعرف مجتمعه وثقافة حياته فهي هلامية غير مرئية وليست بمحسوسة وإنما هي خارطة فكر وهداية للإنسان . أينما كان فلنعي ماهية العقل والتعقل في خلود الإنسان وحتمية وجوده .
فكر وفلسفة أيمن غنيم
تعليقات
إرسال تعليق