القائمة الرئيسية

الصفحات

عيــون تتحدى

عيــون تتحدى

غِراً أطعتُكَ سيّدي
وعصَيتُ فيك عشيرتي،
فخدَعْتني
وخَدعْتَ أولادي الصغارْ،
ونَحَتَّ عرشَك مِن عظام مفاصلي
ورميمِ أجدادي الكبارْ،
ثم انْتَقَفْتَ سنابلي
وفَركتَ أصدافَ المحارْ،
وغَرَزْتَ يومَ ولادتي
في الشمسِ أنيابَ الحصارْ،
وحَفرتَ بالإِزميلِ صخرةَ حِكمتي
متمنطقاً شرعَ التّتارْ:
( لا شيءَ محظورُ الحِمى
في الأرض كان أوِ السَّما).
ما ذنبُ رأسي سيِّدي!؟
لما تفَقَّهَ والْتَحى
وأدار مِهمازَ الرحى
قلتَ: احذروا!!
باضَ البَعوضُ بلِمَّتِهْ
ثمَّ احذروا!!
حَمَلَ الوباء لأمَّتهْ،
فحَزْزتَ جمجمتي ضحًى،
ونخرْتَها،
وسلخْتَها،
ودبغتَها بدمٍ تَعتَّمَ في الرحى،
وملأتها خمرا تسافر بالنُّهى،
وسَقيتني،
فسحقتَ ذاكرتي بها
لأبارك الشَّرعَ المُسطَّرَ في الشِّعارْ
-  شرعَ التتارْ-:
( لا شيءَ محظورُ الحمى
في الأرض كان أو السَّما).
لكنَّني
وأنا الذَّبيحُ من القفَا
والشَّمسُ تَغربُ في السِّوارْ
والسُّحْبُ داميةُ الشَّفَا
تَنـْداحُ وَلْهَى في غدي
أعصيك - حتمًا- سيِّدي،
وأُطيع فيك عشيرتي
وأصيحُ من عمقي:
كفى..!..!
حتَّى إذا ارْتدَّ الصَّدى
واشْتدَّ في حَلَمَاتِ أولادي الصِّغارْ،
وتَزلزَلتْ منه عظامُ مفاصلي
ورميمُ أجدادي الكبارْ،
واستجْمَعَتْهُ سنابلي
انهارَ عرشُك، سيدي،
وتَلقَّفتْهُ لُهى المحارْ
مع ما أبحتَهُ في الشِّعارْ
- شرعِ التتارْ-:
( لا شيءَ محظورُ الحمى
في الأرض كان أو السَّما).
إن تُطفِئِ الشَّمسَ المُضيئةَ، سيدي،
فالنورُ في حَدقاتنا لا ينْحسِرْ،
دوماً يُضيءُ قلوبَنا،
ويشُقُّ ظلمةَ دربنا،
ويُلقِّح السُّحب النَّدِيَّةَ بالمطرْ،
فإذا انهمرْ
سكب الشُّعاع على دُجى آفاقنا
أذيالَ طاووسٍ فَرِحْ،
ثمَّ انتشرْ
تحت السَّحاب المُنكسِرْ
ترتيلةً بين النّيامْ،
وتطير أسرابُ الحمامْ
جذْلى تُرحِّبُ بالمطرْ
والرَّوْحِ والألوان والألَقِ النَّضِرْ،
وتظلُّ تتلو للأنامْ
تتلو مواويلَ السَّلامْ
 - شرعَ القدرْ-:
(لا شيءَ مهدُورُ الحمى
في الأرض كان أو السَّما)
                                           ( هندل الصالح "1992م")
المنتدى العالمي للأدباء والكتاب العرب

تعليقات