القائمة الرئيسية

الصفحات

العنوان : المرأة الأم

قصة قصيرة 

العنوان : المرأة الأم

******************
جلست في أحد الأماكن العامة لأحتسي فنجان قهوتي ، صرت أتصفح موبايلي وسيكارتي تتراقص بين أصابعي ، جاءت كرة صغيرة يركض ورائها طفل بريء أستقرت عند أقدامي ، أبتسامته جذبتني فقلت له :
_ لا تركض على مهلك ما أسرعك ، خفف خطاك لا شيء يتبعك ، كم أنت جميل ما أروعك ، ألا تريد رفيقاً تلعب معه ويلعب معك ؟
رد عليّ بكل عذوبة : 
_ يا عم كم انت معي سهل متواضع ، ولسانك حلو وأسلوبك رائع ، تداعبني واجد نور وجهك ساطع ، سأخبر أمي أنك إنسان ناصع .
ذهب ورجع ومعه أمرأة ، ما أن وقعت عيني عليها حتى أبهرني حسنها ، قالت لي :
_ صباح الخير ، ما الذي فعلته لهذا الفتى الصغير ، حتى صار يحكي عنك الكثير ، وأجبرني لأشكرك بلا تقصير ، فلك مني كل أحترام وتقدير .
أنصرفت وبقى طيفها ، تلعثم لساني ، تهت في جمالها ، بقيت بعدها شارد الذهن .
بعد يومين في نفس المكان التقينا بلا موعد ، راحت تطلب مني ان اشاركها قهوتها ، والولد يلح علي فقالت :
_ أتعلم أن أبني لم ينساك ، وهو بكل وقت وحين بذكراك ، حتى راح يطلب أن يلقاك ، والآن صاح عالياً عند رؤياك ، أظنك منحته حنان الأب فما أنقاك ؟
بدأت اتجرأ فقلت لها ومستفهماً ومجاوباً :
_ وجدت فيه براءة الأطفال ، خطاه عزفت بالروح لحناً شجياً وموال ، أحسست أني أعرفه قبل اليوم بأجيال ، لكن تبقين أنت وأبيه له كل الآمال .
ردت علي بحسرات واهات :
_ أبوه هجرنا منذ زمن ، وتركنا نعيش الأوجاع والمحن ، أفترقنا وزادت آلامنا والشجن ، الولد ما عرف رجلاً يعطف عليه ولا أبوه عليه قد حن ، وأنت قد ملكته بكلمات وبلا ثمن .
أنتهى لقائنا وانا ما نسيت لحظة واحدة صورتها ، التقينا مرة أخرى رحت ابوح لها بما أريد ، فأخبرتها :
_ لم أتزوج حتى ظننت ان عمري هباء ، أفنيت شبابي أبحث عن شهادة جامعية ترفعني للعلياء ، وأذا بالعمر قد ولى وأنا وحيداً بلا أخلاء ، أما الآن فأظنني أظن أنني صرت من السعداء ، التقيت بك والقلب خفق لك يريد الأحتواء ، فلا تستكثري عليّ فرحتي وأجزلي بالعطاء ، أني أريد أن تكوني زوجتي وأكون لك رداء .
قرأت الفرح بين عينيها فقالت لي بخجل :
_ أنا مطلقة وأبني هذا معي باقي ، فلا تظن أنه يفارق يوماً أحداقي ، أن قبلت به معي فسيكون بيننا حياة بلا فراق ، فلا تظلمه وتترك الدمع في الماقي .
أتفقنا على كل شيء ، خطى التقدم لأهلها سارت بسرعة ، عشنا نحن الثلاثة أيام جميلة ، الى أن جاءني يوماً رجل كله قبح وشراسه ، تبين أنه طليقها ، وقد كنا في لقاء تحديد موعد الزواج ، وقال لي بصوت حاد وعصبي :
_ لا تظن أنك ستسرق مني الولد ، فإن ذاك قول بدد ، فإنه أبني وهو لي خير سند ، وان تزوجت منها عن عمد ، سأجعل ايامك عدد ، وحياتك نكد ، وتعيش بالالام للأبد ، وحق ربي الواحد أحد .
والتفت إلى خطيبتي وقال لها :
_ لن تتزوحين ، ولن تفرحي بحياتك وتهنئين ، أقسمت أن أجعلك تتعذبين ، وان فعلت هذا ستعرفين ، كيف انتقم منك عندما أخذك منك ولدك المسكين ، وأجعلك تذرفين عليه دمع العين ، لذا ستبقين هكذا وتظلين ، ولن ارتاح ولن أهدأ الا وانا أراك تبكين وتبكين وتبكين . 
تركنا وإذا بدموع خطيبتي تتهاطل ، اردت ان الحق به وادخل معه في عراك ، رفضت واجلستني وقالت بدموع محرقه :
_ سأخذ ولدي وأبتعد عنك على مهل ، وليرحمني ربي من العلل ، أنه شرير وقادر على أن يحرق قلبي بكما بكل الحيل ، وأن خطب جنونه جلل ، وسيبدد أحلامي ويقتل كل أمل ، انه سليل عالم كله تخلف وجهل ، لا ينفع معه حوار ولا جدل .
أمسكت بيدي بقوة وراحت تترجاني :
_ لقد عشت معك أحلى اللحظات ، تمنيت أن اعوضك وتعوضني عما مضى من عمري وما فات ، اردتك ان تكفكف عن عيوني الدمعات ، رسمت لك صورة حياة بأجمل اللوحات ، لكن اظننا سقطنا ضحية قسوة الحياة ، التضحية بولدي خطأ ويتركني أعيش الآهات ، والبعاد عنك صار هو الممات ، وانا أم وأمرأة واحترت بينكما وكلاكما دقات قلبي والنبضات .
بقلمي...محمد الباشا/العراق
المنتدى العالمي للأدباء والكتاب العرب

تعليقات