قصة من صميم الواقع ج2
ولدت الصبية في السبعينات، كانت فرحة الاب لا تطاق دخلت لقلبه البهجة وقال الوداع للاحزان، قام بكل التجهيزات للزواج، كان زواج ضيق بين المقربين. العروس لم تكن فرحتها كاملة لم تكن مثل احلامها الوردية، لا "تصديرة" ولا صور كثيرة، ولا حتى مزمار وطبل كان كتاب قران بسيط باهت وزغاريد ضعيفة صوتها لا يسمع في الارجاء. اكترى الاب بيت صغيرا على ضفاف البحر واشترى بعض الادباش غرفة نوم وسرير رضيع وبعض الاثاث البالي، وبدا يتعلم ان يكون رب اسرة يعتني بعائلته، كان عمله خياط، تعلم المهنة منذ الصغر على خياط ايطالي، اتقن الحياكة واصبح يعرف كيف يخيط كسوة كاملة يايادي ساحرة تبهر لابسها. مرضت الرضيعة من رطوبة البيت على الشاطئ وطلب الطبيب تغير البيت، لكن الكراء كان مرتفع لا يقدر عليه الاب، فقرر جد الاب ان يعطي ابنه غرفة في بيته الكبير شبه ما، ورغم ان بيته كان يعج بالابناء لكنه رق قلبه لتلك الرضيعة واراد ان تتربى بين احضنه. انتقلت العائلة الصغيرة لتسكن في بيت الحماة، وبانتقالها نست ايام الاستقلالية. باعت جل الاثاث وتركت غرفة النوم وسرير الرضيعة، وتحملت مشقة الانتقال من اجل حبها لزوجها وحب الاستقرار وبناء عش زوجيا ملئ بالدفء والحنان. تدور الايام وبعد شهرين من الانتقال مع العائلة بدأت تندلع الخصومات بين الكنة الشابة المنبوذة من اول يوم من عائلة الشاب وبين الحماة واخوات الزوج الذين ارادوا ان يتحكموا فيها. كان الزوج مسلوب الارادة امام عائلته وخاصة امه واخواته البنات، بدأ يتكاسل على العمل وترك غرفة نومه مع زوجته واصبح ينام مع اخواته في غرفة مستقلة بعيد على ابنته وزوجته الشابة. كانت تذهب الفتاة الى بيت والديها باكية شاكية وكانت الام يحن قلبها لشكوى ابناتها كانت تعيلها ماديا في كل زيارة. ترجع لبيت اهل زوجها كل مرة بعناء، اصبحت هناك مثل الخادمة تعمل في خدمة الجميع من غسل الملابس واستقبال ضيوف الاخوات اليومية، كانت لا تتمتع باللقمة ولا تشبع بطنها بالاكل الذي كان من خيرات زوجها وابوه. ووصل بامر الحمات ان وضعت الرضيعة في فراشها في بركة ماء واتهمت الام بالاهمال واردت بذلك ان تريح ابنها من مسؤلية الام والمولودة. صبرت الام على امرها وكانت كل مرة تذهب غاضبة الى منزل والديها ويرجعها حماها من اجل ان لا يترك الرضيعة محرومة من حنان الابوين. وكان الجد يلعن ابنه وينعته في كل مرة بشتى النعوت متهم إيه بعدم المسؤولية وعدم الرجولة واتخاذ قرارات بضغوط من امه. تمر الايام وفي غمضة بصر تتفق الام مع ابنها لتسفره خارج البلاد بدون علم زوجته. وتقوم بكل الترتيبات وتقطع له تذكرة السفر بدون رجعة لبلاد النور باريس، وفي الايام الاخيرة قبل السفر حن قلب الاب وتذكر انه يحب زوجته فاعلمها بالسفر وطلب ان ترافقه مع ابنتهما. غضبت الام الشابة من عدم اخبارها واعتبرتها خيانة، ورفضت بشدة السفر وترك وطنها الام، بل تعنتت وزادت ارتباطها بارض الوطن ومنعته من السفر خاصة هي تنتظر مولودها الثاني، فالرضيعة الاولى لم تتجاوز السنتين وكانت حجة جدة الاب ان ابنها مازال صغير ليكون مسؤول على الابناء. رحل الاب الى باريس وكانت اخته هناك سابقته في السفر، اكترى بيت صغير. وبدأ بالعمل وكسب رزقه وكان دائما التفكير في زوجته وابنته والمولود القادم في احشاء الام.
بقلم/نادية التومي/ جويلية 2021
تعليقات
إرسال تعليق