اللواطيون الجدد
بقلم: صخر محمد حسين العزة
اللواطيون الجدد ، إن الله عزَّ وجل عندما خلقَ الكون ، وبثَّ الحياة في الكائنات من أجل إعمار الأرض ؛ خلقَ من كُلِّ كائنٍ حي زوجين اثنين من ذكرٍ وأُنثى ، وكُلُّ جنسٍ له خصائصهُ البيولوجية والفسيولوجية والسيكولوجية التي فطره الله عليها ، سواءً أكان ذلك بشراً أو حيواناً وحتى النبات يكون فيه براعم ذكرية وبراعم أُنثوية ، قال تعالى في سورة الحجرات – الآية 13 : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } وقال أيضاً في سورة النجم – الآية 45 : {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى } وكُل ذلك من أجل التزاوج والتكاثُر لإعمار الأرض ، وقد خلق الله الشهوة الجنسية في بني آدم من أجل التناسل وأن يميل الذكر للأنثى والأُنثى للذكر لتحدُث المعاشرة الجنسية حسب ما شرعه الله ، والتي بدونها كيف سيكون بقاء جنس الإنسان وتكاثُره ؟!! ، وقد خلق الشهوة في بني آدم لحِكمٍ عظيمة منها : ابتلاء العباد وامتحانهم ، وهل يشبعون الشهوة في معصية الله ، أم يطيعون الله عزّ وجل ولا يُشبعون هذه الشهوة إلا بما أحل الله . وقد أرسل الله عزَّ وجلْ الرُسُل ومعهم الرسالات السماوية من أجل هداية الناس لعبادة الله ونشر فضائل الأخلاق بينهم ، وتنظيم حياتهم بكُلِّ نواحيها ومنها نظام التعايُش الأُسري ، وأهمها المعاشرة الزوجية بين الطرفين الذكر والأنثى . ولكن رُغم ذلك بعض البشر أبى إلا أن يشُذوا عن شرع الله ، ويُخالفوا قوانين الفطرة التي أوجدها الله لكُلِّ جنسٍ منهم أكان ذكراً أو أُنثى ، وابتدعوا قوانين تُخالف ذلك ، وقد سولت أنفسهم المريضة أن يتبعوا الشيطان ويكونوا حُلفاءه الذين أغواهم عن جادة الصواب وذلك لانغماسهم في كُلِّ المُحرمات التي حرّمتها الأديان السماوية .
والموضوع الذي أود أن أطرحهُ على بساط البحث هو ما يتردد وتحاول بعض المؤسسات المشبوهة أن تفرضه على مُجتمعاتنا من مُسمياتٍ كُل باطنها خبيثٌ من أجل تدمير قيمنا وأخلاقنا وتعاليمنا التي تربينا عليها من ديننا الحنيف ، فدخلوا علينا باتفاقية سيداو التي ظاهرها القضاء على جميع أشكال التمييز العُنصري ضد المرأة ، ولكن باطنها هو كيفية الوصول للمرأة المُسلمة العفيفة وخلع رداء الشرف والعفاف الذي تربت عليه ليسهُل الوصول إليها والنيل منها ، ثُم خرجوا علينا ( بالجندر ) وهو امتلاك شخص خصائص جنسية بيولوجية من شأنها أن تعقّد عملية تحديد الجنس في بعض الحالات، فيكون الشخص ثنائي الجنس البيولوجي مثلًا ، وينطوي التمايز الجنسي بين الذكر والأنثى على وجود الكرموسوم ونوع الغُدد التناسلية ، وتوازن الهرمونات التناسلية ، وفيه قد تغلب الهرمونات الذكرية على الأنثوية أو العكس وفي هذه الحالة يتطلبُ عمل مُداخلة جراحية لتغيير الجنس لهذا الشخص سواءً أكان ذكراً أو أنثى ، حتى يتفادى الأهل ما لا تُحمد عُقباه مُستقبلاً ، وهذا لا يتعارض مع الدين ، لكن الذي يُنافي العُرف هو أن يتحول رجل أو أنثى إلى صفة أو جنس غير جنسه وهو مكتمل الصفات الذكورية أو الأنثوية ، ولا يوجدُ داع لتغيير جنسه ، والموضوع الثالث وهو الأهم والذي ينتشر الآن ويُطبلون ويزمرون له هو موضوع المثلية الجنسية ، وهذا ما أردت أن أتطرق إليه ، فماذا تعني المثلية ؟ ؛ المثلية : هي الإنجذاب الشهواني لأشخاص آخرين من نفس الجنس عاطفياً وجنسياً ، وقد وصل بهم إلى إقرار زواج المثليين من بعضهم البعض ، وهذا أعلى درجات الإنحطاط وسقوط للقيم والأخلاق ، والأدهى من ذلك أن تجد هؤلاء في المجتمعات الغربية من جميع الطبقات الإجتماعية الدُنيا والعُليا ، ومن جميع المهن ، ومن جميع الإنتماءات والأيدولوجيات .
أقول لهؤلاء الساسة وأصحاب القرار ، وأصحاب الأمر والنهي في دول العُهر هذه ، لو عُدتم لكتب الله السماوية التي أنزلها الله من التوراة إلى الإنجيل وختمها بالقُرآن الكريم ، فجميعها تُحرم هذه الأفعال المُشينة وتتوعد بأشد العقاب لمُرتكبيها لنشرهم الرذيلة بهذا الفعل ، لأنها اعتبرتها مُخالفة للفطرة الإنسانية ، وتُهدد الفناء للبشرية القائمة على الزوجين أصلاً الذكر والأُنثى ، وما حدث لقوم لوط من عقاب بسبب هذه الممارسة ، وذلك أنهم كانوا يأتون الذُكران دون الإناث ، وقد حاول سيدنا نوح أن يهديهم ويثنيهم عن ذلك الفعل المُشين ، حتى أنه قد عرض عليهم بناته ، حتى لا يتعرضوا لضيفيه الذين كانا من الملائكة ، وقد أرسلهما الله على هيئة بشر ، وذلك من أجل أن يُنزل عليهم العقاب بعد أن أبوا الهداية ، فكان عقاب الله لهم أن أرسل عليهم الطوفان فمحاهم عن وجه الأرض ، قال تعالى في سورة الأعراف – الآيات 81-82 : { وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ(80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ(81) } ، وقد أمر الله عزَّ وجل سيدنا نوح عليه السلام قبل ذلك ، أن يصنع سفينة ويحمل معه المؤمنين الذين آمنوا ، وأن يحمل من كل جنس من الكائنات الحية زوجين اثنين من ذكرٍ وأنثى ، لأن الحياة بعد الطوفان هلكت كُلَّها ، ولم ينجُ إلا المؤمنين الذين حملهم سيدنا نوح عليه السلام ، معه في السفينة ، قالى تعالى في سورة هود – الآية 40 : { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ }وكذلك الحال قصة أصحاب الرس ، الذين كانوا أيضاً يُمارسون اللواط والسُحاق ، وقتلوا نبيهم ودفنوه في بئر الرس وهذا البئر موجودُ في أذربيجان . وقد لجأت النساء في هذه الأقوام إلى السُحاق ، لأن أزواجهم هجروهن وكانوا يأتون الذُكران دونهن ، فلجأن إلى ممارسة الفاحشة بينهن عِوضاً عن أزواجهن ، فاستغنى رجالهم بالرجال ونساؤهم بالنساء فأهلكهم الله عزَّ وجلْ ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن عباس –رواه الترمذي وأبو داود ، وابن ماجة ، وصححهُ الألباني : ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول ) ، وقال أيضاً عن ابنِ عبَّاسٍ رضي اللَّه عَنْهُما قَالَ : ( لَعَنَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم المُخَنَّثين مِنَ الرِّجالِ، والمُتَرجِّلاتِ مِن النِّساءِ ) . وفي روايةٍ أُخرى عن البُخاري قال :(لَعنَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المُتَشبِّهين مِن الرِّجالِ بِالنساءِ، والمُتَشبِّهَات مِن النِّسَاءِ بِالرِّجالِ).
لو نظر هؤلاء إلى أحوال مُجتمعاتهم لمخالفتهم شرع الله ، فالله عزَّ وجلْ لم يسُنَّ شرعاً إلا كان فيه خيرٌ وصلاح لبني البشر ، فعندما أقرَّ الطلاق مع أنه أبغض الحلال ، وذلك لدرء الفتنة ، وذلك عندما تصل الأمور إلى نقطةٍ لا رجعة فيها ، فيكون الحلُّ بالطلاق ، ليختار كل زوجٍ الطريق التي قد يرى فيها ما هو خيرٌ له ، بحيثُ لا يرتكب ما يُغضب الله ، وهم عندما رفضوا الطلاق شاعت بينهم جرائم القتل لاستحالة الحياة بينهم ، ولا يوجد عندهم الطلاق فلجأوا إلى القتل ، وعندما رفضوا التعددية بين الأزواج ، واتخذوا بديلاً عن ذلك العشيقات بدلاً من الزوجات ، فكثُر اللقطاء مجهولوا الأب والأُم ، وعندما أباحوا الخمور التي حرَّمها الله انتشرت الرذائل والفواحش ، كل ذلك أدى إلى انتشار الأمراض الجنسية وأخطرها كان مرض الأيدز الذي يقضي على جهاز المناعة لدى الإنسان ، ونسبة النجاة منه ضئيلةٌ جداً ويؤدي إلى الموت المُحقق ، وبهذا يجب أن يعرف كُلُّ جنس مُهمته التي أناطها الله به وحسب فطرته التي فُطر عليها ، قال تعالى في سورة النساء – الآية 32 : { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }.
بعد كُل ما ذُكرت نأمل من أصحاب القرار والمسؤولين في مجتمعاتنا العربية والإسلامية ، أن تضع برامج وندوات إرشادية ، وتعزيز مكانة الدين والأخلاق القويمة في مجتمعاتنا التي تُميزنا عن هؤلاء ، وعليهم أن يضعوا ضوابط لوسائل التواصل الإجتماعي ، وللقنوات الفضائية التي تنشر البرامج والأفلام الأباحية والتي أصبحت مُتاحة وسهل الوصول إليها من كل الفئات صغيرها وكبيرها ، التي هي السلاح الذي يُحاربونا به وجُلّهُ موجهٌ للجيل الناشئ ، وخاصة طلبة المدارس والجامعات بكل مراحلها . ومن العوامل التي تؤدي إلى المثلية في المجتمعات أرجعها إلى ما يلي :
1 - العوامل الهرمونية قد تكون الهرمونات الأنثوية أكثر من الذكرية أو العكس ، ولتفادي هذا الخلال يجب على الأب والأم مُراقبة ميول أبنائهم منذ الصغر ، ومعالجتهم وذلك بأجراء تحويل للجنس حسب العامل الهرموني للإبن أو البنت ، قبل أن يبلغوا مرحلة النضوج ويكون عائشٌ في عالمين لا يعرفُ كنه نفسه .
2 - الدلال الزائد للأطفال في سن مُبكرة ، وعدم مراقبة تصرفاتهم ، وعدم معرفة من رفاقهم ، وقد يكونوا رفاق سوء يغوونهم ويجروهم إلى عالم الرذيلة .
3 – بعض الأمهات التي لا يرزقها الله البنات يلجأن إلى تدليل أبنائهم ومعاملتهم كمعاملة الفتيات ، وهذا يؤدي مع الوقت لأنه تربى مُنذُ صغره على معاملته كفتاة ، وهذا يؤثر عليه سلبياً سيكولوجياً وشخصيةً .
4 – التفكك الأسري وعدم الثقة بالنفس من بعض الشباب أو البنات ، لعدم وجود من يوجههم ، مما يؤدي إلى الشعور بالنقص والتوجه إلى عامل آخر يعوض النقص لديه أو لديها ، وذلك بسبب فقدانهم لعاطفة الأبوة أو الأمومة . فيلجأوا للبحث عن البديل بين أصحابهم .
5 – الفشل في الحياة الزوجية ، أكان للذكر أو الأنثى ، والبحث عن بديل لتعويض النقص الذي يسُدُّ شهوته أو شهوتها الجنسية .
6 – انتشار الأفلام الإباحية والبرامج المنتشرة في وسائل التواصل الإجتماعية ، وحتى أصبحت برامج وأفلام كرتونية موجهة للأطفال تدعو فيها إلى المثلية الجنسية .
خـتاماً أناشدُ قادة أمتنا ، وعُلمائها الأجلاء ، أن ينظروا نظرة جادة لما هو متربص لنا ولديننا ولقيمنا ولأخلاقنا ، وعليهم تعزيز التربية الدينية ونشر الأخلاق الحميدة بين جميع أبناء وطبقات المجتمع ، والعمل على مُحاربة كل وسائل التواصل الإجتماعي المشبوهة التي تحاول أن تحرِف أبناءنا عن قيمهم وأخلاقهم ودينهم ، والتركيز الأكثر على البنات لأن صلاح الأمة بتربية الفتاة التي سوف ستكون الأم المُربية والمُنشأة للأجيال ، فالمرأة الصالحة هي التي تُنشئ جيلاً يكون اعتماد الأوطان عليه ، فلو دققنا وبحثنا لوجدنا أنهم تلقوا تربية عالية من أمهاتهم، إنك إن علَّمت فتاة علَّمت أسرة، فهي تدفعهم إلى المجتمع ليكونوا عناصر ملتزمة مخلصة واعية هي امرأة بطلة، لأن شهاداتها الحقيقية ليست تلك الأوراق التي تعلق على الجدران، إن شهاداتها الحقيقية أولادها الذين ربتهم، ودفعتهم إلى المجتمع ، وما عزتنا وما نصرنا وعلونا ورفعتنا إلا بديننا الحنيف ، فأبناء هذه الأمة ، هم أمانة في أعناق أصحاب الأمر والمشورة وعلى رأسهم علماء الدين الأجلاء ، ورجال الدعوة المُخلصين ، قال تعالى في سورة آل عمران – الآية 104 : { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ } .
صخر محمد حسين العزة
عمان – الأردن 10 / 7 / 2022
المنتدى العالمي للأدباء والكتاب العرب
تعليقات
إرسال تعليق