القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة قصيرة : أحلام معتقة

قصة قصيرة : أحلام معتقة


قصة قصيرة : أحلام معتقة 

أحلام معتقة - د. أحمد جابر

القصة :
جيبه الممزق يظل باردا طوال الوقت،  لايملك غير كتب قديمة ، تزاحم أولاده في الغرفة الصغيرة ، لم يشعر برتابة الزمن ،  لم يتغير شيئ في حياته ، فقط بعض التجاعيد على وجهه والشيب الأبيض الذي غزا رأسه ، ومستوطنون جدد يحتلون مسقط نومه ، لم يخسر سوى ضرسين ، لازال يأكل جيدا ، انتفخت بطنه .. 

تكورت أكثر من اللازم ! أحلامه كانت كبيرة بحجم الوطن ، لكنها بدأت تنحسر شيئا فشيئا لتصبح مفصلة على مقاس الكوخ الذي يسكنه ، شهادته العليا تنام بهدوء ، وترقد بسلام محشورة بين أوراقه القديمة ،  حين يحل المساء يقطب حاجبيه ويقفز من رأسه مارد عملاق بما يجعله قادرا على قهر فقره .. تتحول الغرفة الضيقة إلى قصر كبير ، مملكة تحوطها الجواري والنساء ، حوريات من زبرجد وياقوت ، تغمزه كل الحسناوات .. يغتسل في بركة من العطر ، ويضع له ضرسين من الماس كي يستطيع أن يلتهم كل غابات اللحم ، الليل يضع فرشاته فوق ذلك الشعر ، لم يعد محمية طبيعية كعادته ، عيناه تلونهما السماء وتضع فيهما قطرات من الزرقة ، بدت قامته أكثر طولا وانتصابا ، سحابة من اللبن  تقترب منه ليرضع من حليبها النقي ، عندما ينتصف الليل تتنزل عليه القمر بوشاحها الأبيض تجر  ذيل فستانها المطرز بالعقيق ، تمر في بلاطه مرور الماء المنساب في السواقي ..  تكشف عن ساقيها فتذوب قطع السكر بين تلك الفناجين ، تلك اللمى الوردية تقدم لجلالته في أطباق من الذهب المخلل بالنبيذ .. يصفق قلبه إيذانا بالرقص .. يثمل من أول نظرة ، عيونها تترجم كل الرغبات وجسدها يطلق مبادرة من العيار الثقيل ، حوار صاخب يعيد تشكيل جغرافية الجسد ، مازال صاحب الجلالة ثملا ، فجأة تتكور مثانتة .. تنتفخ .. يشعر وكأن المحيط يتدفق في داخله .. يتألم .. يفجر قنبلة صوتية ، ليجد أولاده قد استيقظوا من هذا القبر والكتب تغرق في مستنقع بوله ، ورائحته  المعتقة تملأ الغرفة ،  استيقظ ليجد أن نصفه الأسفل كان عاريا والريح الباردة تنطلق بقوة ثلاثين عقدة من زجاج النافذة المكسورة لتعانق جسده المكشوف ، بدت له سوأته وطفق يبحث عن بطانية تمنحه الدفء!!!
المنتدى العالمي للأدباء والكتاب العرب

تعليقات