قصة من صميم الواقع 6
بعد أيام من البحث على منزل منفرد لجاهدة، وجد عبدالمجيد بمساعدة سمسار بيتا صغيرا مكون من غرفتين ومطبخ لا تتجاوز مساحة البيت كله 30 م وأول ما يعترضك وانت تدخل من باب المنزل المطبخ ثم تجد غرفة الجلوس فغرفة النوم الكل ينفتح على بعضه.
وكان البيت الصغير مدخله موحد مع العديد من الجيران كانه "وكالة"، ومع ذلك قبلت جاهدة المدللة عند ابويها بهذا البيت رغم رفض والدها لذلك في بادئ الأمر متمنية ان تجد السكينة وراحة البال. اشترى عبد المجيد أثاث مستعملا لابنته ليؤثث به البيت بعد ان باعت لها رقية اثاثها. وأخيرا انتقلت جاهدة الى بيتها الجديد مع طفلتها الصغيرة سليمة، كانت عيون الجيران تنظر اليها وكيف شابة في عمرها لم تتخطى سن العشرين ستسكن بمفردها، وكانت الأسئلة عديدة تلتقطها الجيران فيما بينهم، كيف ولماذا وأين زوجها؟ احتارت جاهدة في امر الناس وتفكيرهم، كان عبد المجيد يزور ابنته يوميا محملا بلوازم ابنته من شرب ومأكل. جاء يوم المخاض استدعت ناجية القابلة التي تعمل في مستوصف المكان، كانت الولادة صعبة على ما مرت به جاهدة من مشاكل ومصاعب. كانت الأم ناجية خائفة على ابنتها وتدعي لها بتسهيل المخاض، بين صياح جاهدة لامها المتكرر والمتباعد في اول الامر وبين دعائها لله، وأخيرا جاء من الغرفة صراخ رضيع، زغردت ناجية وخرجت القابلة تعطي البشرة للام، قالت لها هل ابنتها بخير وبصحة جيدة، اجابتها انها قوية رغم صعوبة الولادة لكن كل شيء مر بخير. تساءلت ما جنس المولود ردت عليها انها بنت جميلة، فرحت الجدة وحمدت الله على سلامة ابنتها والرضيعة. فرحت عائلة جاهدة وجاءت تهنأ بالمولود الجديد، تمالكت جاهدة نفسها فهي مازالت نافسة ولبست ملابس صوفية وحملت نفسها لصاحب الدار لتهاتف زوجها نديم وتبشره بالمولودة وتسأله ان كان له آسم يريدها ان تسميها به، في اول الأمر كان باردا معها لم يفرح لقدوم المولود كان يتمنى ان يكون ذكرا. وبعد برهة هدأ من روعه ثم سألها لماذا لم تخبره بانتقالها من بيت اهله، وانه علم بالصدفة عندما هاتف أمه، صمتت جاهدة قليلا ثم بكت بحرقة، وروت له كل ما جرى كعادته صبرها وقال لها انه المكتوب المحتوم عليهم وسيزول عن قريب، وطمأنها انه سيبعث لها بمبلغ مالي يعيلها على المصاريف ولكن هذه المرة سيكون بالعنوان الجديد. ترجع جاهدة ادراجها للبيت ونظرت لبناتها، وبعد تنهيدة اخرجتها من أعماق صدرها قالت لعل الغد سيأتي بالخير وسأعيش من اجل تربية بناتي.
تمر الأيام، والشهور وبدأت جاهدة تتعب مع ابنتيها رغم ان والدتها ناجية لا تفارقها كل اليوم الا في الليل تعود ادراجها لبيت زوجها وابنها يوسف. دبت الخلافات بين عبد المجيد وناجية بتحريض من ابنه وزوجته لغيابها على البيت وترك الكنة تهتم بحماه ومستلزماته، وخاصة انها أصبحت تتعب كل اليوم مع جاهدة من تنظيف البيت وغسل الثياب والطبخ فتعود كل ليلة منهكة تذهب للنوم مباشرة حتى انها أصبحت ترفض معاشرة زوجها مما زاد من خصامهم. في الأخير قررت ناجية ان تعيش مع أبنتها جاهدة بعد ان ضاقت ضرعا من تصرفات اهل بيتها.
عبد المجيد في بادئ الأمر ظن ان غضب زوجته سيزول بعد بضع أيام ولكن كانت ناجية مصممة على قرارها. لم يجد الأب الا ان يصبر من اجل ابنته. كان يزورهم كل يوم محملا بالمؤونة وكان يحث ناجية للرجوع كان دائما جوابها أولا ابنتها تحتاجها، وانه يجب على عبد المجيد التخلي على الخمرة التي لم ينساها منذ ان عرفته وانها تصلي وتخاف ربها.
كانت عائلة نديم قليلة الزيارة كان الجد وبعض زوجات اخوات نديم هم الذين يزورونها فقط بدون تقديم المعونة.
ضاقت جاهدة من حياتها وكل ما هاتفها نديم تحثه على العودة فهو لا يعرف ابنته آمال الا من الصور التي ارسلتهم له في رسالة. كان نفس الكلام المشروخ الذي ينومها به. بعد ثمانية شهور من ولادة آمال لم تعد جاهدة تصبر على غياب نديم واعطته مهلة اما ان يعود او تقدم قضية في الطلاق.
بقلم نادية التومي / جويلية 2021
تعليقات
إرسال تعليق