إلا رسول الله ، للكاتب الأردني، صخر محمد العزة
إلا رسول الله
إن الله عز وجل أرسل إلى كل أمة نبياً أو رسولا ليهديهم إلى الطريق القويم وليخرجهم من غياهب الظلام والكفر إلى فجر النور والهدى ، وختم الله الرسل بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، حاملاً راية الإسلام ولتجُب وتنسخ كل ما قبلها من ديانات والتي كانت كلها تدعو الى الإسلام والتوحيد وقال الله تعالى في سورة آل عمران [ الآية-19 ] : { إنَّ الدّينَ عند اللهِ الإسلام وَمَا اخْتلفَ الذينَ أوتُوا الكتابَ إلا منْ بعد ما جائهمُ العِلمُ بّغياً بينهُمْ } وهذه الآيه الكريمة تؤكد بأن جميع الأنبياء والرسل وإن اختلفت شرائعهم ، إلا أن دينهم جميعاً هو الإسلام بمعنى إسلام الوجه لله تعالى بالتوحيد والطاعة ، فالرسالات السماوية ، وإن كانت مختلفةً في تفاصيل الشرائع وفروعها ، إلا أنها متفقةً في كلياتها ومبادئها وقواعدها وأهدافها ، وقبل ذلك متفقة في الأصل الأهم وهو التوحيد وإسلام الوجه لله عز وجل ، فدعوة الرُسُل جميعاً تقوم على التوحيد الخالص لله تعالى، إلا أن كل رسول يختص بتقويم الإنحراف الحادث في عصره وموطنه، ذلك أن الإنحراف على الصراط المستقيم يختلف باختلاف ظروف الزمان والمكان... ولما كان محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين، فقد جاءت رسالته عامة شاملة لكل أسس التقويم والهداية التي جاءت في الكتب السماوية وزائدة عليها حتى تكون صالحة لكل زمان ومكان... وسبب آخر لختم الرسالات بالإسلام هو أن الأمم على عهد الرسل الأولين تعيش في عزلة لا تقارب بينهما ولا اتصال إلا على الوسائل البدائية، لكن الوضع تغير كثيراً بعد رسالة محمد عليه الصلاةُ والسلام، فأصبحت المسافات مطوية والإتصال الأممي واقع ـ لا سيما في العهود المتأخرة ـ مما جعل حمل الرسالة إلى جميع من في الأرض مُتاحاً فاقتضت حكمة الله تعالى ختم الرسالات بالإسلام، كما قال الله تعالى في سورة آل عمران [ الآية- 85 ]: { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } وقال تعالى أيضاً في سورة المائدة [ الآية-3 ]: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } .
يُطلُّ علينا بين فترةٍ وأخرى من يتهجُّم على ديننا الحنيف وعلى رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم وعلى آل بيته رضي الله عنهم أجمعين . إنَّ الذي دفعني للعودة للكتابة في هذا الموضوع هو تصريحات نوبور شارما الناطقه باسم الحزب الحاكم باهاراتا جاناتا الهندوسي الذي يترأسه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ، وهي تتساءل في تصريحاتها عن زواج سينا محمد صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة رضي الله عنها وهي لم تبلُغ حينها سن العاشرة ، ولم يعرفوا أنَّ كُل زواج للرسول من نسائه كان وراءه حكمة وعبرة ودرساً يُعلمه للمسلمين ، وليس كما تتوهم عقولهم الفارغة ، ونقول لهم عودوا لإصلاح مجتمعكم ووقف حالات الإغتصاب لنسائكم في الشوارع وفي كل مكان ، ولا تُعطونا دُروساً بالفضيلة التي لا تعرفونها ، فرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هو مدرسة الفضيلة والأخلاق والعدالة والسماحة ، وقد تناقلناها منه من جيلٍ إلى جيل . ويخرجُ علينا مأفونٌ آخر يدعم تصريحات هذه المرأة الشمطاء وهو رئيس حزب الحُرية الهولندي خيرت فيلدرز المتطرف المعروف بعدائه الصريح للمسلمين ، ويُعلن بتصريح له يُعبر فيه عن دعمه للهند ويشجعهم على الإساءة للإسلام بلا خوف وواصفاً المسلمين بالجبناء ، ويقول في تصريحه : ( لا تسمعوا للمنافقين ، الدول الإسلامية لا تتمتَّع بالديمقراطية ، ولا سيادة القانون ، ولا الحُرية ، إنهم يضطهدون الأقليات ولا يحترمون حقوق الإنسان ، فيجبُ انتقادهم ) وأنا أقول الآن كما يقول المثل الشعبي ( الحيط الواطي كُل الناس بتنُط عليه ) فما تطاول هؤلاء علينا إلا لإستكانتنا ووهننا وضعفنا .
وهذه الحملات ليست وليدة يوم واحد ، ولكن لها ما سبقها من تطاولٍ على ديننا وعلى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، وتزداد حملة الحقد والتشويه لرسولنا الأعظم ممن شوهوا دياناتهم وحرفوا الكتب السماوية لتتناسب مع مصالحهم ومطامعهم ، لأن الإسلام لا يتناسب مع اهوائهم ولا يتفق مع مطامعهم والذين هم ولدوا على كره البشرية وحقدهم الأعمى على دين الإسلام وأوغلوا في دماء المسلمين فليست هذه الهجمة مقرونةبهذا الساقط ماكرون وأشباهه من أبناء مواخير الليل وبيوت الدعارة بل هي ممتده عبر العصور ولن ننسى الحملات الصليبية ، ولن ننسى محاكم التفتيش ، ولن ننسى ما حلَّ في العراق وفي سوريا وفي ليبيا والمذابح في مسلمي الرهوينجا في بورما وفي مسلمي البوسنا والهرسك في كوسوفو وقد قال الرئيس الإمريكي جورج بوش صراحة عندما هاجم العراق بأنها حربٌ صليبية .
وقد قال الله تعالى في سورة البقرة [ الآية – 120 ] : { وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى } . لقد نُشٍرَ الاسلام في العالم أجمع بالسماحة وطيب الأخلاق وبالرحمة ، ولم يُكرِه أي إنسان أن يدخل في دين الله إلا بالحسنى قال تعالى في سورة البقرة [ الآية – 256 ] : { لا إكراه في الدين فلقد تبين الرشد من الغي ، فمن يكفُرْ بالطاغوت ويؤمن باللهِ فقد استمسك بالعروةِ الوثقى لا انفصام لها ، والله سميع عليم } وكان رسولنا الكريم يقول في بعوثاته للفتوحات التي يسيرها والتي تحض على أعلى مراتب التسامح والرحمة فقد قال فيها رسولنا الكريم عن عبدالله بن عباس ( المحدث الطبراني ) : ( سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله، لا تغلواو لا تمثلوا، ولا تغدروا، ولا تقتلوا شيخا فانيا،ولا صبيا ولا امرأة، ولا تقطعوا شجرا إلا أن تضطروا إليها وأيما رجل من أدنى المسلمين )
إن عظمة رسول الله وكريم أخلاقه التي سادت العالم قد جعلت مفكري الغرب وعلمائهم يصدحون به ومثال على ذلك المهاتما غاندي الذي قال في حديث صحفي له عن رسولنا الكريم ( أردت أن أعرف صفات الرجل الذى يملك بلا منازع قلوب ملايين البشر.. لقد أصبحت مقتنعاً كل الإقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التى من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول، مع دقته وصدقه فى وعوده، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة فى ربه وفى رسالته، هذه الصفات هي التى مهدت الطريق وتخطت المصاعب وليس السيف ) وقال الفيلسوف الفرنسى الشهير روجيه جارودي، فى كتابه «الإسلام وأزمة الغرب»: (إن الإسلام أنقذ العالم من الإنحطاط والفوضى، وإن القرآن الكريم أعاد لملايين البشر الوعي بالبعد الإسلامي ومنحهم روحًا جديدة ) وقال عنه أُستاذ الفلسفة الهندي راما كرشنا راو في كتابه محمد النبي : (أيُمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها، لكن كل ما فى استطاعتي أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة، فهناك محمد النبى، ومحمد المحارب، ومحمد رجل الأعمال، ومحمد رجل السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامي العبيد، ومحمد محرر النساء، ومحمد القاضي، كل هذه الأدوار الرائعة فى كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلًا ) وغيرهم كثر مدحوا رسول الله وعرفوا مكانته وقدره .
إن الهجمة على الإسلام وعلى رسولنا الكريم يعود إلى ما بعد أحداث الحادي عشر من أيلول في عام 2001 وهم الذين افتعلوا هذه الحادثة لتنفيذ مخططاتهم القذرة وكان الهجوم والمساس لشخص الرسول صلى الله عليه وسلم عائد الى خوفهم من الإنتشار السريع للإسلام في الغرب ، بل والخوف أيضاً من عودة المسلمين إلى تمسكهم بدينهم ، وقد صرح بذلك البابا في الفاتيكان عن تخوفه ، وأنه يجب أن توضع الخطط للحد من الإنتشار السريع للإسلام وقد قال لهم سيأتي عليكم يوم تجدون فرنسا كلها مسلمة ، ومما شجع هذا التمادي والهجوم الشرس على شخص رسولنا الكريم وعلى ديننا السمح هو استغلال ضعف المسلمين في كثير من الجوانب الحياتيه كالجانب الإقتصادي والجانب الإعلامي .
أن هذه الحرب ضد الإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم هي حرب دينية عقيدية ، مما يدل دلالة واضحة على أن الإدارة الأمريكية خاصة ومن تبعها تسعى وتتحرك الآن من خلال نبوءات لها ارتباطاتٌ وثيقة باليهود الصهاينة في فلسطين ، ولو جئنا لنبوءاتهم الآن لوجدنا في أغلبها أنها مرتبطة بعضها ببعض ، وهي إفرازات يسمعها القادة الأمريكان والأوروبيين من هؤلاء القساوسة والحاخامات، حيث أن هؤلاء الساسة لهم علاقات قوية مع الكنائس ، ويتأثرون بها وخاصة فيما يتعلق بنوءات آخر الزمان عند النصارى ، وتقودهم وتحركهم الماسونية التي هي تحكم مقدرات العالم من جميع النواحي إقتصادية وسياسية وثقافية وإجتماعية .
وفي النهاية أقول لكل الموتورين والمهزوزين والساقطين إن الله حافظٌ لدينه وناصرٌ لأمته فمهما شوهتم ومهما عملتم ، ستبقى أعمالكم وبالاً عليكم ، وسيبقى رسولنا الكريم هو العلم والمنار والهادي لكل البشرية .
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك الصالحين .
اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين وأذل الشرك والمشركين والكفرة الملحدين واحم حوزة الدين اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واحبسه في بدنه يا قوي يا عزيز . اللهم نصرك الذي وعدتنا يا من لا يُخلَفُ وعدك ولا يُهزم جندك سبحانك الله وبحمدك لا إله إلا أنت
صخر محمد حسين العزه
عمان – الأردن
18/6/2022
المنتدى العالمي للأدباء والكتاب العرب
تعليقات
إرسال تعليق