حبك لا يشبهني
حُبُّكَ لا يُشبهُني
منى محيي الدّين
**************
حُبُّكَ يا وطني، لـم يَعُدْ يُشبِهُني. تَفَلَّتَ من عُرْوَةِ الكلمات. اِنْسَحَبَ من عِمامةِ جدّي. اِنْزَلق من لَفَتاتِ العرائشِ فوق الهِضاب.
حُبُّكَ لـم يَعُدْ يَتَشَبّثُ بروائحِ الحَبَقِ في الـمَصاطِب. لـم يَعُدْ يُجيدُ رُكوبَ الـمَدى، ولا مُحاربةَ رؤوسِ الصّواعِق. إنّه لـم يَعُدْ يُشبهني.
هل تذكرُ حين امْتَلَكْتَ رقصةَ فراشةٍ، فالعمر سِحرٌ لا يـمضي؟
أو تذكُرُ تلك النّسمة، تحملُ شِعابَ النّوى، فالبَوْحُ لُجَيْنٌ حُرٌّ يَسْري؟
أفَتدري أنّ صوتَكَ لـم يَعُدْ يُشبهُ صوتي؟ لـم يَعُدْ يتعرّفُ إلى خبزِ الـمَوائد، أو إلى رَجْعِ فرحةِ العصفورِ في الـمَغارِب، ولا إلى انتِعاشِ الـماءِ في فَمِ أُمٍّ أو فمِ طفلٍ مُسالِـم. لا لا... صوتُكَ لـم يَعُدْ صوتي .
اِسمكَ لـم يَعُدْ أُغنيتي. نعم، اِسمك لـم يَعُدْ أُغنيتي، لـم يعُدْ ترنيمَتي، لـم يَعُدْ لَحْنيَ الـمُفَضَّل. لـم أعُدْ أشدو به عند كلِّ مُنْعَطَفٍ، عند كلِّ ناصِيةٍ، عند كلِّ حَدَثٍ مُقَدَّر... لـم أعُدْ أقولُ لكَ: حُبُّكَ على الجَبينِ قَدَرٌ، حُبُّكَ صباحٌ سُكّ .
... وطني! لـماذا لـم أعُدْ أَشْتَمُّ فيكَ عَبَقَ التّاريخ؟
كيف جَرَّدَتْ أغصانَكَ أيقونةَ الحُبِّ تلك الرّيحُ؟
فيمَ صَمتُكَ القاتلُ يَطوي الكلامَ والأيّامَ والقلبَ الجريح؟
هيّا، أخبرني، لـماذا لـم تَعُدْ تُشبهُني؟ لـماذا لـم تَعُدْ تُشعِلُ تُرابَكَ في وجوهِ الظّالـمين؟
كيف لـم يَعُدْ شبحُ اسمكَ يُلاحِقُ ظِلالَ الـمُعتَدين؟ .
تعالَ، اُدْنُ منّي، أخبرني إلى متى ستبقى ناسِيًا ساكِنًا حائرًا لا تُشبِهُني؟!
أيتها الحمامة
اللحن المجهول
المنتدى العالمي للأدباء والكتاب العرب
تعليقات
إرسال تعليق