القائمة الرئيسية

الصفحات

لا سمح الله بقلم صخر العزة

لا سمح الله بقلم صخر العزة 

لا ســمــح الله

إن الكلمة لها أثرٌ عظيم وأهمية كبيرة حين تأتي في ظرفٍ وزمانٍ ومكانٍ مُعينين ، فقد ترفعُ أقواماً ، وقد تحُطُّ بها آخرين ، ولرُبَّ كلمة في ظرفٍ ما قد تُغير مجرى التاريخ وتبني صروح المجد ، وقد يكون لها الأثر بالضياع ، والإنحطاط، وأستذكر كلمة أم عبدالله الصغير آخر ملوك الأندلس وهو يبكي بعد ضياع مُلكه ، قائلةً له : إبكِ مثل النساء مُلكاً مُضاعاً لم تُحافظ عليه مثل الرجال  ، وعلينا أن نستذكر كلمات  وردت في تاريخنا كان بسببها العزة والشموخ عندما يتلقاها إنسانٌ صاحب نخوة وحمية ، فلن ننسى صرخة المرأة المسلمة التي كانت أسيرة عند الروم في مدينة عمورية هي وألف إمرأة أخرى ، وصفعها الأمير الرومي على وجهها لمشادةٍ كلامية بينها وبينه ، فصرخت وامعتصماه ، وامعتصماه ، فضحك منها مستهزءاً وساخراً وهو يقول : إنتظريه حتى يأتيك على الأبلق لينصرك ، فوصل الخبر للخليفة العباسي المعتصم بن هارون الرشيد الذي كان معروفاً بالإباء والعِزة والنخوة والمروءة  والقوة ، فثارت  ثائرته ، وأرسل رسالة إلى هذا الأمير الرومي قائلاً فيها : من أمير المؤمنين إلى كلب الروم أخرج المرأة من السجن ، وإلا أتيتك بجيشٌ أوله عندك وآخره عندي ، فلم يستجب الرومي لذلك، فحرَّك المعتصم جيشه إلى عمورية وحاصرها إلى أن فتحها وهزَّ أركان وأسوار أعظم مدائن الروم ونستذكر بعضُ أبيات من  قصيدة عمر أبو ريشة الذي خلدها بقصيدته أُمتي ( رُبَّ وامعتصماه ) ، إذ قال : 
أمتي هل لـك بيـن الأمـم 
منبـر للسـيـف أو للقـلـم

أتلقـاك وطرفـي مـطـرق 
خجلا من أمسـك المنصـرم

أمتـي كـم غصـة داميـة  
خنقت نجوى علاك في فمي

أي جرح في إبائي راعـف 
فاتـه الآسـي فلـم يلتـئـم

أ لإسرائيـل تعـلـو رايــة 
في حمى المهد وظل الحرم؟           
كيف أغضيت على الذل ولم 
تنفضي عنك غبار التهـم؟

أوما كنت إذا البغي اعتـدى 
موجة من لهب أو مـن دم؟
 
كيف أقدمت وأحجمـت ولـم 
يشتف الثأر ولـم تنتقمـي؟

  اسمعي نوح الحزانى واطربي 
وانظري دمع اليتامى وابسمي

 ودعي القـادة فـي أهوائهـا
 تتفانى في خسيـس المغنـم

رب وامعتصمـاه انطلـقـت 
 مـلء أفـواه البنـات اليتـم 

لامسـت أسماعهـم لكنهـا
 لم تلامس نخـوة المعتصـم 

                     لا يلام الذئـب فـي عدوانـه               إن يك الراعي عـدوَّ الغنـم
                فاحبسي الشكوى فلولاك لمـا              كان في الحكم عبيدُ الدرهـم  
                أيها الجندي يا كبـش الفـدا                 يا شعـاع الأمـل المبتسـم
                ما عرفت البخل بالـروح إذا               طلبتها غصص المجد الظمي
                بورك الجرح الـذي تحملـه                 شرفا تحـت ظـلال العلـم
إن ما دفعني لكتابة هذا المقال هو كلمة المجاهد البطل أبو عبيدة الذي أصبح رمزاً مشعاً ومناراً للمقاومة المباركة مناشداً أصحاب الضمائر الحية في العالم من أجل التحرك لإنقاذ غزة العزة والكرامة والثبات والصمود التي مرَّغَ أبناؤها المجاهدين من أبطال المقاومة أنف الإحتلال وكسر شوكته وأسطورته الجوفاء بأنه الجيش الذي لا يُقهر ، وذلك في معركة المجد طوفان الأقصى التي هبَّ فيها رجال المقاومة الفلسطينية نصرةً للأقصى الذي يتعرض لانتهاكات المستوطنين دون رادع واعتدائهم هم والجيش على المرابطين والمرابطات ، وكذلك من أجل نُصرة الأسرى الأبطال لما يتعرضوا له من تعذيب ومهانة .
لقد مضى على معركة طوفان الأقصى تسعٌ وعشرون يوماً ولا يزال الإحتلال الغاشم الذي جُنَّ جنونه مُمعناً في عدوانه يرتكب المجاز والإبادة الجماعية ، فقصف المدارس والمساجد والكنائس والمستشفيات وتدمير إحياءً كاملة بحملة إبادة جماعية يرتكب فيها أبشع المجازر وسقط فيها آلاف المدنيين من أطفالٍ ونساء وشيوخ ما بين قتيلٍ أو جريح  وكل ذلك أمام أعين المجتمع الدولي المنافق والذي يكيل بمكيالين ، وأمام صمتٍ عربي وإسلامي مخزٍ  ومهين ، ولهذا وجه أبو عبيدة كلمة لهؤلاء القادة والزعماء ليستنهضهم ويبث فيهم روح النخوة والعروبة ، وعاب عليهم كيف إن إثنتين وعشرين دولة عدا عن الدول الإسلامية لم يستطيعوا إدخال شربة ماء أو كسرة خبز أو تأمينهم بالدواء أم نسيتم أن فلسطين أرض الأنبياء وأرض شهداء الصحابة وأرض الإسراء والمعراج وقبلتكم الأولى  ، والأقصى ثالث الحرمين الشريفين ، أم تعتبرون غزة هاشم ليس جزءاً من فلسطين ؟!!!    فهو كما قال لم أطلب منكم لنُصرة غزة أن تحركوا جيشوكم أو طائراتكم ومدافعكم لنصرتها لا سمح الله ، وهو يعرف أنهم لن يصلوا إلى نخوة المعتصم من أجل صرخات النساء والأطفال والشيوخ الذين يُنادون :  ( وينكم يا عرب ) فلا حياة لمن تُنادي .
فأتساءل : هل كلمة ( لا سمح الله ) حركت فيكم بعضاً من حمية الدم ونخوة العروبة ؟ أم أنها تجاوزت آذانكم التي لا تسمع إلا  للسيد الأمريكي ، وتُصمُّ آذاناكم عن صرخات وصيحات شعوبكم ؟!! 
وأقول يا أصحاب السيادة والزعامة والفخامة : متى من الممكن أن تتحرك في دماءكم نخوة المعتصم والشهامة ، وحمية العروبة- لا سمح الله ؟!!!  
متى ستصحو ضمائركم ، وتفيقون من غفوتكم ؟!!  لتعرفوا أن ما يحصل في غزة وفلسطين،  هو موجهٌ لكم أيضاً ، فإن سقطت المقاومة لا سمح الله ، فسيكون الدور عليكم،  من أجل أن تُحقق إسرائيل حلمها بإقامة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل ، وقد أصبحوا يعلنوا ذلك جهارة ، وقد عرض نتنياهو خارطة في الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 23 أيلول من هذا العام 2023م  يظهر فيها خارطة الشرق الأوسط الجديد  دولة ويشير فيها إلى موقع دولة إسرائيل الكبرى ، ولا وجود فيها لفلسطين أو غزة  ، وسبقه بذلك أيضاً سموتريتش وزير ماليته  في مؤتمرٍ له في فرنسا بتاريخ 19 آذار عام 2023م ، وقد ظهر على منصة  الخطابة التي يُلقي منها كلمته  خارطة لدولته المزعومة وتضم فيها فلسطين والأردن ، وتستندُ هذه الخريطة إلى شعار "الأرغون" للمنظمة العسكرية الوطنية في أرض إسرائيل التي شاركت باحتلال فلسطين وارتكاب المجازر بحق الشعب الفلسطيني في عام 1948م ، وهي جماعة مسلحة تطالب بأن دولة فلسطين التاريخية والمملكة الأردنية الهاشمية هي دولة يهودية .

   
ولهذا أقول إلى متى تبقى قراراتكم رهينة بيد أمريكا والغرب ؟ فهل ممكن أن تتحرروا من هذه العبودية لا سمح الله ؟!!! 
متى ستفكرون بوحدة الأمة ، فبوحدتنا قوتنا ومنعتنا ؟ فهل عندكم أدنى تفكيرٍ بذلك ليعود لنا تاريخنا المجيد وتعود لنا عزتنا وكرامتنا – لا سمح الله ؟!!!  
فهل أنتم قادرون على التخلي عن الإقليمية ، وتتخلصون من تبعات سايكس بيكو التي لا زالت متأصلة فينا ، وتشدنا إلى الوراء ، حتى نبقى ممزقين ومشتتين لكي ينهبوا ثرواتنا ، والتحكم في مصائرنا 
قفوا مع أنفسكم ولو مرةً واحدة قبل أن تقفوا مع فلسطين ومقاومته ، وانظروا ملياً كيف هبت أمريكا وكل دول أوروبا لنجدة هذا الكيان المختلق  من أجل الحفاظ عليه ليبقى خنجراً في خاصرة الأمة لكي يمتصوا دماءنا وينهبوا خيراتنا 
علينا العودة لديننا ووحدة أمتنا فمصيرنا واحد فبوحدتنا سنرهبهم ويكون لنا إستقلاليتنا في كل شيء وقضيتنا واحدة فقضية فلسطين هي قضيتكم وقضية كل مسلم فهي أرض الإسراء والمعراج وأولى القبلتين ، وثالث الحرمين ، وأرض الأنبياء ، فكونوا مع أبناء شعبكم ومع مقاومتكم التي هي خط الدفاع الأول ، وتذود عن كرامة الأمة كلها  ، ولله در شاعرنا مصطفى وهبي التل إذ قال : 
                  إني أرى سبب الفناء وإنما              سبب الفناء قطيعة الأرحام
                  فدعوا مقال القائلين جهالة             هذا عراقي وذاك شـــــآمي           
                  وتداركوا بأبي وأمي انتم ُ               أرحامكم برواجح الأحلام 
                  فبلادكم بلدي وبعض مصابكم          همي , وبعض همومكم آلامي
                  فدياركم داري وبعضُ تِلادِكم           هو طارفي ومُناكمُ أحلامي
                 وكما لكم هدف فان لمثـــــله            سعيي وغاية صبوتي وهيامي
صخر محمد حسين العزة  
عمان – الأردن 
5/11/2023
المنتدى العالمي للأدباء والكتاب العرب

تعليقات