خذ بأقوالهم وانسى افعالهم للكاتب صخر محمد العزة
خُذ بأقوالهم وانسى أفعالهم
تساؤلاتٍ كثيرةٍ تدور في خلَدي !!!
هل يُمكنُ لبعض الكائنات بما فيها الإنسان أنْ تُغيِّرَ من طبيعتها التي فطرها الله عليها ؟
كأن ينشُر الورد بأنواعه روائحَ نتنة بدلاً من فوحِ عبيره ، أو هلِ النحل يفرزُ سُمَّاً زُعافاً بدلاً من عسلهِ الشافي للناس ؟!! ،
وهل للأفعى أن تُصبحُ نحلةً تبُثُّ عسلاً بدلَ سُمِّها القاتل ؟!! ،
وأنا أقول ذلك هو المُستحيل ، إلا عند الإنسان العاقل المُفكِّر الذي حباهُ الله العقل لكي يُميز الغثَّ من السمين والطيب من الخبيث ، فأرى تقلُّب القلوب بين الإيمان أو المعصية ،
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم مُقلب القلوب ثبِّت قلبي على دينك ) وأن القلوب بين يدي الله يُقلبها كيفما يشاء ، فمنهم من قلبه يُنيرُ قلبهُ بالإيمان ومنهم من يُظلِمُ قلبه بالمعاصي ، ولهذا نسأل الله الثبات ، وكذلك تتغير النفوس ، لأن من النفوس ما تكون أمَّارةٌ بالسوء ، فنرى إنساناً واعظاً وتقياً ، وكل الناس تتبع كلامه لفترات طويلة ، وفجأة ينقلبُ مائةٌ وثمانين درجة ، وقد ترى العكس بشخص معروفٌ بالفجور وارتكاب المعاصي وعدائه للإسلام فيتحول إلى إنسانٍ تقي وذلك بفضل الله وهديه ، وهذا وارد وكثير ، فكم من المُلحدين أو من الديانات الأخرى هداهم الله للإسلام ، بعد أن درسوا الدين بعُمق ، أو تعرضوا لمواقف أثبتت لهم أنَّ الإسلام هو دينُ الحق ، والكثير من هؤلاء أسلموا وأصبحوا رجال دعوة مثل الملاكم محمد علي كلاي ، والسياسي الهولندي أرنون فان دورن الذي كان نائب رئيس الحزب الهولندي سابقاً ، الذي أنتج فلماً مُسيئاً عن الرسول ، فأسلم بعدهُ وأنشأ حزباً أسماه حزب الوحدة ، ومبادئه مبنية على تعاليم الإسلام ، وأصبح أيضاً سفير علاقات المشاهير في جمعية الدعوة الإسلامية الكندية في أوروبا .
قال الله تعالى عزَّ وجلْ في سورة فاطر – الآية 28 : { إنَّما يخشى اللهَ من عبادهِ العُلماء ) وهذه الآية الكريمة فيها تكريمٌ وتعظيمٌ لمنزلة العُلماء عند الله ، وهنا يخُصُّ فيها تحديداً عُلماء الشريعة الذين هم عُلماء في القُرآن والسُنَّة ، فالخشية هنا تخُصَّهم وهي أكمل وأعظم ، لأنهم هم الموكلون بتعليم عباد الله وينفذون حدود الله كما نصَّ عليها القرآن الكريم ، وكما نصَّت عليها سُنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيجب أن تكون أعمالهم تُطابق أقوالهم ، فلهذا خشيتهم من الله يجب أن تكون أكبر وأعظم من أيِّ إنسانٍ آخر ، لأنهم هم حملةُ الرسالة ، فأيَّ خللٍّ أوزللٍّ في تصرفاتهم محسوبٌ عليهم ، لأنهم مُؤتمنون على نقل الرسالة السماوية إلى الناس بصدق وغير ذلك يؤثمون على أخطائهم ، وأخطاء الناس الذين يتبعونهم ، فيكون عقابهم عند الله عظيم
ولكن الذي يجعلُ الإنسان حيراناً أن ترى إنساناً يُعتبر قُدوةُ للمسلمين وعالماً في الدين ويأتمون بإمامته ، وفجأةً يحيدُ عن الصواب من أجل عرَضٍ ومتاعٍ زائل من متاع الدُنيا ويبيعُ آخرتهُ بثمنٍ بخس ، فهذا عينُ النفاق ، فالمنافق يمتاز بحُلو الكلام وأعذبه ليُقنعك بصدقه وهو يعرف أنه كاذب ، فلسانه يسُرْ وقلبهُ يضُرْ .
↔
وما نراه في عصرنا الحالي
من شيوخٍ يبيعون دينهم بدُنياهم، ويفتون بفتاوى تتناسب مع أهوائهم وأهواء سلاطينهم ، فأين هم من دينهم ومن رسالتهم التي حملوها في أعناقهم ومؤتمنون في تبليغها للناس بصدقٍ وأمانة ، فما نراه من تلونٍّ في المواقف هو النفاق بعينه وهو شرُّ الأمور والذي يظهر فيه الشخصُ منهم بوجهين فالنفاق هو أخو الشرك ، ولا ننسى بعض الشيوخ الذين أفتوا بشرعنة الإستعانة بالتحالُف الصليبي لغزو العراق ، وإسقاط نظام صدام حسين رحمهُ الله ، وكان نتيجته تدمير بلاد الرافدين وقد عاثت فيها قوى الشر من تدمير وقتل الملايين ، وكذلك الحال في بلدان عربية أخرى أريقت فيها الدماء بسبب فتاوى الضلال والبُهتان ، والآن نرى شيوخ التطبيع الذين يُجملون الخيانة من أجل حفنة من مال ، وينسون ما قام به العدو الصهيوني من تدمير وقتل للشعب الفلسطيني ، وانتهاك للحرمات والمقدسات ، وعلى رأسها الأقصى الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين ، ووصلت الأمور إلى درجة أن يُلقي أحد الخامات خطبة الجمعة على المُسلمين ، فكيف ترضون أن يكون خطيبكم صهيوني وتعاليم كُتبه المُحرفة تحُضُّ على قتل المُسلمين ، وقتل من هو ليس بيهودي .
نقول لهؤلاء لا تجعلوا الدين سلاحاً في يدِ أعدائكم وعودوا إلى قول الله عز وجل في سورة الأحزاب – الآية 58 : { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا } ونسوا أيضاً قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وهو يُلقي نظرته الأخيرة على هذه الأُمة في خُطبة الوداع حين اقتربت ساعة وفاته إذ قال :
( أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا – ألا هل بلغت اللهم فاشهد ) ثم قال:
( أيها الناس إنما المؤمنون إخوة ولا يحل لامرئ مال لأخيه إلا عن طيب نفس منه – ألا هل بلغت اللهم فاشهد فلا ترجعن بعدى كافراً يضرب بعضكم رقاب بعض، فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده: كتاب الله وسنة نبيه، ألا هل بلغت ... اللهم فاشهد ) [ صحيح البُخاري ومُسلم ] .
وأخيراً أقتطف أبيات من الشعر للدكتور عبدالرزاق حسين فيها دعوةٍ للعودة للرشاد والهُدى قبل أن يفوت الفوت ، ولقاء الله في يوم الحساب العظيم
شـيـوخَ الـسَّلاطينِ لا كنتمُ إذا لـم تـكـونـوا حُماةً لدين
نَقضْتُمْ عُرى الدِّينِ يا مُدَّعونَ وكـنـتُـم لـها أوّلَ النَّاقضينْ
لـبـسـتُـمْ عـمـائمَكُمْ حيلةً ومِـنْ تـحـتِها لِبْسةُ المارقينْ
فـلا بـاركَ اللهُ فـي مُـدَّعٍ يـقـولُ ويُـفـتي بغشٍّ مُبينْ
فـكـلُّ حـرامٍ يـصيرُ حلالاً وصـرتُـمْ على ربِّكُمْ تَفْتَرونْ
شـيـوخَ السلاطين لستُمْ بأهْلٍ لـعـقـلٍ لـرأيٍ لنُصْحٍ لدينْ
فـما عذرُكُم يومَ سُوءِ الحسابِ ويـومَ لـقـاءِ الرَّسولِ الأمينْ
شـيـوخَ السلاطينِ إنّي نصيحٌ فهل تُدركونَ ؟ وهل تسمعونْ ؟
فتوبوا إلى ربِّكُم توبةً ومن قبل قول أربِّ ارجعونْ
صخر محمد حسين العزة
عمان – الأردن
9 / 6 / 2022
بــيــن شــهــيــدتــيــن
المنتدى العالمي للأدباء والكتاب العرب
تعليقات
إرسال تعليق